قصة اصحاب الكهف هي واحدة من أهم القصص القرآنية التي تحمل بين طياتها الكثير من العبر والدروس، التي يستفيد منها المؤمنون بزيادة إيمانهم ويثبت الله بها من في قلبه تردد، حيث يقول الله تعالى في كتابه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم “لنثبت به فؤادك” فإذا القرآن تثبيت للنبي وهو أشرف وأعظم وأكمل الخلق، إذا فهو أولى لمن هم دون النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا سنروي لكم قصة من أعظم قصص القرآن وهي قصة اصحاب الكهف من خلال موقع مقالة.
قصة اصحاب الكهف
أصحاب الكهف هم مجموعة من الشباب الصالحين الذين هداهم الله عز وجل وزادهم هدى كما يقول الله تعالى {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}، وقد نشأ هؤلاء الشباب في مدينة تعيش تحت ظل حكم حاكم ظالم وفاسق وكافر، وأهل القرية أيضا كافرون ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم، وقد وجد هؤلاء الشباب أنهم يجب أن يفروا بدينهم من أرض الكفر والشرك، وبالفعل خرج الشباب من المدينة وذهبوا إلى كهف بعيد، وتقول الروايات التي تفسر القصة أن هؤلاء الشباب كانوا على دين سيدنا عيسى عليه السلام والملك الذي كان يحكم مدينتهم اسمه دقيوس يحكم مدينة أفسوس التي خرجوا منها خوفا على دينهم وأنفسهم، ومن المرجح على حسب أقوال المفسرين أن عددهم كان سبعة وثامنهم كلبهم والله أعلم فقد قال الله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل} فيقول بعض المفسرين أن نفي اول تعدادين ثم اتباعهم بوصف رجما بالغيب أي أن ذلك قيل بدون علم ولا إثبات، ثم استأنف التعداد الحقيقي لهم أي أنهم كانوا سبعة.
لجأ الفتية إلى الكهف الذي يسره الله لهم أشد التيسير إذ كان في جبل على أطراف مدينتهم ولكنه كانت فجوته واسعه وكان مدخله في ناحية الشمال لهذا لا تدخله الشمس أبدا، وقد ناموا في حفظ الله ورعايته لهم مدة ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعة، وبعد كل هذه السنوات أيقظهم الله من نومهم {وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا} فلم يعلموا حقيقة نومهم هذا ولا الزمان الذي هم فيه، ولكن الله أراد أن يعلم الناس أمرهم لكي تقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق.
عبر ومواعظ من قصة اصحاب الكهف
تضمنت قصة اصحاب الكهف حول التاريخ الكثير من الدروس التي يجب علينا تأملها جيدا ومنها:
- أهمية الصبر والثبات على الدين الحق.
- توحيد الله عز وجل وعبادته وحده.
- يجب الالتزام بالحق حتى ولو كنت فرد وحيد أو لو كنتم جماعة صغيرة.
- أهمية الصحبة الصالحة في تثبيت المرء على الحق والنصح له وإرشاده.
- عندما تخشى على نفسك وعلى دينك الفتنة يجب أن تعتزل فورا أي سبب للفتنة.
- التوكل على الله والأخذ بالأسباب واليقين أن الله سبحانه وتعالى لن يضيعك.
- إن الله سبحانه وتعالى يحب عباده المؤمنين ويحوطهم برعايته وهدايته.
- الاستعانة بالكتمان عند قضاء الحوائج.
- الإيمان بكتاب الله تعالى القرآن الكريم وكل ما به من قصص وعبر.
مناسبة نزول قصة اصحاب الكهف في القرآن
أنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قصة أهل الكهف في سورة الكهف، تثبيتا للنبي صلى الله عليه وسلم وتصديقا لرسالته ودعوته، وذلك عندما أراد كفار قريش أن يطعنوا في صحة دعوة النبي، فبعثوا بعض رجالهم إلى مجموعة من كبار أحبار اليهود لكي يسألونهم عن النبي محمد وعن الدين الجديد، فرجع هؤلاء الرجال إلى قريش وهم يحملون من الأحبار ثلاثة أسألة وهي:
- شأن أصحاب الكهف.
- الرجل الطواف.
- الروح.
فجاء الوحي للنبي بعد خمسة أيام من سؤال قريش له هذه الأسئلة، فجاءه بسورة الكهف وبها قصة اصحاب الكهف وقصة ذي القرنين، ونزلت آية {ويسألونك عن الروح}.
شاهد المزيد حول: قصة اصحاب السبت عبرةٌ من التاريخ لمن عصى الله وتجرّأ على محارمه
أين يوجد الكهف المذكور في قصة اصحاب الكهف؟
بعدما خشي الفتية على دينهم من الملك والقوم المشركين قرروا الهروب بدينهم إلى كهف موجود في أطراف المدينة التي كانوا يعيشون بها، وقد جعل الله لهم هذا الكهف مأوى مريح وآمن أراح قلوبهم ورزقهم السكينة والنوم الهادئ لمدة ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعة، وقد اختلف العلماء والجغرافيين في تحديد مكان الكهف بالظبط وحاولوا معرفة مكانه، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنه موجود في تركيا وبعض الدراسات تقول في سوريا وأخرى تقول في اليمن، ولكن المرجح هو أنه موجود في الأردن وهذا ما رجحه الكثير من العلماء والباحثين، وهو كهف يسمى الرقيم ويوجد في قرية صغيرة تسمى الرجيب التي تقع قرب منطقة سحاب جنوب عمان عاصمة الأردن، حيث أن هذا الكهف يوافق وصف القرآن حيث وجود مسجد في أعلى الكهف كما يقول الله عز وجل في كتابه في سورة الكهف {فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا}.
إن الثبات على دين الله الحق والتوحيد له وعبادته وحده من أعظم الأمور وأشدها جهادا للنفس، ويزداد الجهاد والتعب إذا كان المؤمن يعيش في مجتمع ظالم وفاسد وكافر، ولكن ولله الحمد يكون الثواب على قدر المشقة والتعب للوصول إلى الله عز وجل، قصة اصحاب الكهف الذين فروا بدينهم خشية الفتنة من أعظم القصص التي تبين لنا أهمية الثبات على الدين وكيف يرعى الله عباده المؤمنين.